( من 23 اكتوبر - الى 21 نوفمبر )
برج العقرب
الصفات العامة لبرج العقرب:
العقرب – حسب معناه في القواميس اللغة – حشرة ليلية لها ذيل معقوف
تستعمله في حالتي الهجوم والدفاع وتبخ بواسطته سماً زعافاً يشل حركة
الضحية ويودي بحياتها في كثير من الأحيان . أما في لغة الأبراج فالعقرب
إنسان غير عادي يتمتع بصفات غير عادية تشبه من نواح كثيرة صفات الحشرة
المذكورة وإن كانت أقل منها فتكاً وأذى حقيقياً . وكما تسرح حشرة
العقرب في سكون الليل وظلامه كذلك يفعل إنسان برج العقرب , يظل متخفياً
متكتماً في النهار والليل وراء قناع خارجي يُخيّل للناظر أنه وجهه
الحقيقي بينما هو في الواقع وجه مزيف بينه وبين الوجه الصحيح المختبئ
وراءه فرق شاسع .
بالرغم من ذلك يمكن التعرف إلى هذا الإنسان بواسطة أمرين : أولا ً
عيناه الثاقبتان اللتان تـُشعران المرء بالقلق والضيق , وثانياً صوته
الذي لا يمرّ دون أن يترك في السامع أثراً غريباً سواء أكان من النوع
الأجش أو الحاد أو المخملي . يُضاف إلى ذلك مظهر خارجي حاد في جميع
تفاصيله . لكن الأهم من ذلك هو تأثير إنسان برج العقرب في الأجواء التي
يوجد فيها . إن أي مكان يجلس فيه أو يدخل إليه فجأة يُصبح أشبه شيء
بحقل من الكهرباء أو المغنطيس أو الذرة . إنه بكلام آخر " يُشرقط "
الجو كما يقولون عادة .
لقد تأثر إنسان برج العقرب عند ولادته بالكوكب السّيار أفلاطون ( بلوتو
) الذي أمده بقدرة التحكــّم في قسمات وجهه ومشاعره الداخلية على النحو
الذي يُريد . ولهذا السبب يستطيع الاحتفاظ بجموده العجيب في جميع
الظروف والأحوال دون أن يضطر إلى الضحك أو العبوس أو الصراخ أو القهقهة
أو القفز أو الركض أو حتى مجرد الانحناء الخفيف أو الانتصاب الخفيف
لسبب أو لآخر . وإذا بدا عكس ذلك في بعض الأحيان كان السبب غاية في
نفسه فرضت عليه تمثيل دوره الجديد عن قصد وسابق تصميم الأمر الذي
يـُثبت صحة ما ذكرناه , قبلا ً وهو أن وجه العقرب الخارجي ليس سوى وجه
مُزيف بينه وبين وجهه الحقيقي فرق شاسع .
إن أكثر الأشياء وضوحاً عند هذا الإنسان هو " الأنا " . فهو يعرف
تماماً من هو وماذا يريد من نفسه ومن الآخرين . ولذلك يستحيل تحريكه
بكلمة خير أو شر , ولأنه يرفض التودد سواء منه أو إليه , يصدر أحكامه
بصدق جارح في كثير من الأحيان . معارفه فئتان : أصدقاؤه المعجبون
والمتعلقون به وأعداؤه الألداء . بين الفئتين لا وجود لأحد على الإطلاق
لأن من الصعب على أي كان الاحتـفاظ بشعور اللامبالاة تجاهه . كان علماء
الفلك قديماً يرمزن إلى مواليد برج العقرب بواسطة أفعى أو ضب أو نسر في
بعض الأحيان , وسبب ذلك يعود ولا ريب إلى تعدد الأدوار والشخصيات التي
ينجح في أدائها . فهو بحسب الظروف والأوضاع – تارة عقرب سام يؤذي لمجرد
اللذة ولا يتورع حتى في أذية نفسه , وطوراً ضب قاصر لئيم يعيش في
الظلمات والخوف , وأحياناً يتحول العقرب أو الضب إلى نسر عظيم يُحلــّق
في الأجواء متحدياً الفشل والمرض والفقر , حتى الموت نفسه . هنا يبلغ
الإنسان العقرب أسمى درجات الشجاعة والتفاؤل والعظمة .
شجاعته في الواقع مضرب الأمثال . إنه رجل الساحة وقت الحروب والزلازل
والحرائق وجميع الكوارث التي فيها تحدّ لشجاعة الإنسان وحياته . إخلاصه
لعمله وعائلته وأصدقائه يدفعه إلى الإلقاء بنفسه في التهلكة دون تردد
إذا عرف أن في موته خلاص للآخرين . أمر قد لا يُصدق ولكنه الواقع : هذا
الإنسان القوي المتسلط إلى أقصى الحدود يتعلق أحياناً بالدين ويتعمق في
أسرار الحياة والموت ويحمي الأطفال والضعفاء ويُداوي النفوس والأجسام
المريضة مثله في ذلك مثل القديسين في تضحيتهم وعطائهم . مقابل هذا قد
تطرأ ظروف عكسية تحوله إلى شيطان يزرع الفساد والشر ويقابل الإساءة
بأضعافها , وإذا لم يتسن له الانتقام سكت على الضيم مُكرهاً وشعر من
جراء ذلك بمرارة شديدة قد تسبب له مع الوقت مرضاً حقيقياً .
إذاً تتوقف حالة هذا الإنسان الصحية إلى حد بعيد على مزاجه وظروفه
المعيشية . قد يُصاب بالمرض بسبب الإفراط في الطعام والشراب والتدخين
وأحياناً الإدمان على المخدرات والعقاقير , ولكنه يستطيع الشفاء أيضاً
بفعل إرادته القوية . هذا وعليه أن يحتاط لنفسه من خطر النار
والمتفجرات والغازات السامة والإشعاعات الذرية وغير ذلك من العوامل
التي تـندفع نحوها وتنجذب إليها طبيعة التحدي فيه .
يستطيع إنسان برج العقرب الإبداع في أي عمل يمارسه . وخصوصاً في
الجراحة والسياسة والتلحين والتمثيل والأدب والجاسوسية والبوليس , حتى
في حفر القبور . طموحه على كل حال كفيل بإيصاله إلى حيث يصبو مع أنه
يسير نحو أهدافه بكل حذر وتؤدة ودون أن تظهر عليه بوادر الاهتمام أو
المنافسة . هذا من جهة , من جهة ثانية قد يتحول اهتمامه بالدين إلى
الاهتمام بالسحر والتنجيم وقراءة الكف وعلوم أخرى كانت منتشرة فيما مضى
. يُقال إن هذا الإنسان يرمز في علم الفلك القديم إلى البعث والقيامة
ولهذا السبب ساد الاعتقاد أن ولادته ترافقها دائماً وفاة قريب له إمّا
خلال السنة التي تسبقها – أي تسبق الولادة – أو خلال السنة التي تليها
.
الطفل العقرب :
يولد الطفل في برج العقرب مكتمل الصورة أكثر منه في الأبراج الأخرى ,
ويبدو أقوى عزماً وأهدأ نفـــساً من الأطفال الذين في مثل سنـّه . إن
أول ما يلفت إليه الانتباه عيناه المتسلطتان على الرغم من ضعف الطفولة
فيه وبراءتها . إذا لم تدرك والدته – على الأقل – صلابته ولم تعالجها
من البداية بما هو أصلب أصبح أقرب إلى العقرب السام منه إلى الابن
البار , وإذا لم تمنحه بالإضافة إلى صلابة المعاملة الحب الكافي تحوّل
إلى ضب خائف مقهور . وهكذا نجد أن أمام الطفل المنتمي إلى برج العقرب
طريقين أحدهما علوي والآخر سفلي – إذا جاز التعبير – وإن اختيار أحد
الطريقين يتوقف إلى حد بعيد على نوع التربية التي يتلقاها منذ البداية
.
يحتاج تـقويم هذا الطفل إلى يد من حديد وقلب ملآن بالحب والصبر . من
الصفات التي يجب أن يعتادها منذ الصغر مراعاة الضعيف , واحترام القانون
, وغفران الإساءة , وقبول الخسارة بروح رياضية بناءة . أما الصفات
الأخرى التي تولد معه ولا تحتاج إلى الرعاية فهي الجرأة والصراحة
والاستـقامة والجاذبية .
على الرغم من صراحته يرفض هذا الطفل الكشف عن جميع خصوصياته محتـفظاً
ببعضها لنفسه , كما يرفض التخـّلي عن حاجاته وممتلكاته الخاصة مفضلا ً
حفظها في مكان أو زاوية ما تخصه وحده دون أفراد العائلة . أما شجاعته
التي لا تـُنكر فتجعله قادراً على احتمال الألم الجسماني الشديد دون
أدنى خوف أو بكاء . أمر آخر لا يُنكر وهو إخلاصه لأهله وأصدقائه من جهة
وتصلبه مع الآخرين وقسوته عليهم من جهة ثانية .
طفل برج العقرب أيضاً حاد الفكر والذاكرة يستوعب دروسه بسهولة عجيبة
وخصوصاً متى وجد المعلم الجيد . بقليل من الإشراف والمساعدة يصل إلى
القمة بين أترابه وزملائه . عيبه الوحيد ميله إلى التمرد على القانون
في بعض الأحيان . يجب أن يتلهى عن ذلك بالرياضة والمطالعة وخصوصاً
مطالعة كتب الكيمياء والفيزياء وقصص الأشباح والجن والسحرة وغير ذلك .
من أحب الهدايا إلى نفس هذا الطفل مجهر يكتشف بواسطته حقيقة الأشياء .
تحت ستار الهدوء والبرود يخفي الطفل – العقرب شعور القلق الذي يساوره
باستمرار . وبما أنه سريع الانفعال دون أن يُدرك الآخرون ذلك يتألم إلى
درجة المرض إذا طرأ ما يُعكر صفو بيته وعائلته . ومع ذلك يُفضل أفلام
الرعب وقصص الجن والسحرة كما ذكرنا قبلا ً . هذا وينجذب بشدة نحو مختلف
العقاقير والأدوية , ولهذا السبب يجب أن تـُحفظ في مكان بعيد عن متناول
يده .
يحلم طفل برج العقرب بأن يكون في المستقبل بحاراً أو إطفائياً أو
مهندساً فضائياً أو رجل دين أو حاكماً أو حتى رئيساً للبلد . وعلى كل
حال , مهما كانت أحلامه تلك , لا يجوز أبداً مقابلتها بالهزء والسخرية
لأن في وسعه تحقيقها دون ريب . لكن يجب أن تقوم حدة اكتفائه بذاته
وإهماله للآخرين كي يعلم قبل فوات الأوان أن أساس السعادة هو المشاركة
في الرأي والمبادلة في العاطفة .